العصر الأموي
41-132ه
عندما فاز بالخلافة معاوية بن أبي سفيان الذي ينتمي إلى أسرة بني أمية التي تنتسب إلى قبيلة قريش، أسس أول أسرة عربية حكمت العالم الإسلامي بنظام الوراثة لمدة تقرب 98 عاما.
نقل معاوية مركز الخلافة من الكوفة إلى دمشق عام 41ه ، واتسعت الإمبراطورية الإسلامية في عهد بني أمية فامتدت غربا إلى أسبانيا وشاطئ المحيط الأطلسي وشرقا إلى شمال الهند وحدود الصين. وتميز عهد هذه الدولة بالرخاء وظهرت آثاره في البلاد المحكومة.
ولقد كان اختيار الأمويين لمدينة دمشق كعاصمة للخلافة الإسلامية السبب الرئيسي في قيام الفن الإسلامي الأول وظهور الطراز الأموي وهو أولى مدارس الفن الإسلامي.
وكان لهذه الفترة الأثر العميق في تاريخ الإسلام، حيث بدأ فيها اتصال الثقافة الإسلامية بحضارة الدولة الرومانية المسيحية البيزنطية الموجودة في سوريا ومصر، وحضارة الفرس الموجودة في سوريا والعراق. وذلك لوقوع هذه البلاد وقت أن فتحها العرب تحت حكم الدولة الرومانية البيزنطية مما جعلها متأثرة بفنونها، كما كانت آثارها تحتفظ بالكثير من عناصر الفنون الهيلينستية والرومانية الوثنية. ولصلة هذه البلاد بإيران في فترة الحكم الروماني كان يوجد بها أيضا بعض أساليب الفن الساساني. وأصبحت اللغة العربية اللغة الرسمية في سوريا في حوالي عام 81ه ، وفي مصر في عام 87ه، واستخدمت أول عملة إسلامية في سوريا عام 77ه وكانت تنقش بعبارات دعائية وباسم الحاكم.(نعمت اسماعيل:17)
العمارة :
لم يظهر الاتجاه إلى تشييد المساجد الضخمة والقصور الشامخة لحكام المسلمين إلا بعد أن انتقلت الخلافة الإسلامية من المدينة إلى دمشق، كما حرص نبي المسلمين نفسه على تجنب كل مظهر للبذخ والترف. (آرنسنت كونل:15) فاتبع النبي محمد وخلفائة الأربعة الراشدون البساطة في العيش، وكانت مساكنهم بسيطة استخدمت فيها الخامات البدائية،كما اكتفوا بتشييد أماكن بسيطة للعبادة تقي فقط حاجة إقامة الشعائر الدينية، فمسجد المدينة كان ملحقا بدار الرسول كان عبارة عن مساحة مربعة (نعمت إسماعيل:18)
يحيط بها جدران من الطين والحجر، ويغطي جزء من سقفه بسعف النخيل المغطى بطبقة من الطين، ويرتكز هذا السقف عدد من جذوع النخيل. وكان الغرض الأول من إقامته هو جمع المصلين في مكان واحد متسع ليقفوا صفوفا في مواجهة الكعبة في مكة. استخدم المسلمون العرب بعض الكنائس التي وجدوها في سوريا كأمكنة للصلاة، كما قاموا بتحويل بعض القصور الفارسية في إيران إلى مساجد بالرغم ما وجدوا بها من أشكال حيوانية. أما في العراق ومصر فقام العرب بتأسيس مدن جديدة شيدوا فيها مساجد بسيطة، ففي جامع البصرة والكوفة اكتفى المسلمون بإحاطة قطعة الأرض بخندق محفور بدلا من الجدران وسقفوا جزءا منه بالخشب والجريد، وكان يحمل السقف أعمدة من جذوع النخيل أو من الأعمدة الحجرية التي جلبوها من الكنائس، أو من القصور التي وجدوها في إقليم الحيرة على حدود العراق، ولقد تكرر هذا التصميم البسيط في جامع عمرو الذي شيد في مدينة الفسطاط الجديدة عام(20ه) واستخدم العرب هذه المساجد الأولى أيضا كرباطات لجنود المسلمين. (نعمت إسماعيل:18)
فلما تولى معاوية الخلافة رأى أن الأمر يتطلب تشييد مساجد لا تقل فخامة عن المعابد الوثنية والكنائس المسيحية، وأن تكون له قصور لا تقل روعة عن قصور بيزنطة. وعلى ذلك قامت في الدولة الإسلامية الجديدة حركة بناء نشطة (آرنسنت كونل:19) ومن أهم مظاهر هذا النشاط المعماري مساجد فاخرة تتفق مع انتشار الدين الجديد، ولا تقل في فخامتها عن الكنائس البيزنطية. كما يشمل أيضا القصور والمساكن التي أقامها الحكام والأمراء الأمويون لسكانهم.ولقد استعان الأمويون في مشروعاتهم المعمارية بعمال سوريين مدربين، كما استقدموا أيضا العمال والفنيين المهرة من مختلف أقطار الإمبراطورية الإسلامية.(نعمت اسماعيل:19)
عمارة المساجد:
تطورت عمارة المساجد تطورا كبيرا في عهد الأمويين بعد مشاهدتهم ما ببلاد الشام من عمائر مسيحية. ولقد ظهر هذا التغير في فترة حكم الخليفة"عبدالملك" وازدهر في عهد خلفه"الوليد بن عبدالملك" وتظهر من تلك الفترة مساجد فخمة لاتزال قائمة حتى الآن أهمها "قبة الصخرة" و"المسجد الأقصى" و "المسجد الأموي بدمشق. كما أقيم في خارج الشام "جامع سيدي عقبة" في القيروان و "جامع الزيتونة" في تونس، ولقد قام الحكام بتجديد المساجد التي شيدت في عهد الخلفاء الراشدين وهي جامع المدينة وجامعا البصرة والكوفة بالعراق وجامع عمرو بمصر.(نعمت إسماعيل:19)
مسجد قبة الصخرة:
شيد في عهد "عبدالملك بن مروان" في عام72ه . وهو يتميز بتصميم فريد لم يعرف من قبل في عمارة المساجد الإسلامية، كما لم يتكرر ظهوره مرة ثانية.
تخطيط لقبة الصخرة
ويمتاز هذا المسجد بجمال وفخامة زخارفه. ولقد جدد هذا المسجد عام164ه. ويتكون هذا المسجد من بناء من الحجر مثمن الأضلاع، ويقع بكل ضلع من أضلاعه الخارجية عقود مدببة تعلوها نوافذ، ويتوسط الأضلاع المقابلة للجهات الأربع الأصلية من المثمن أربعة أبواب. ويكسو الجزء الأسفل من الجدران الخارجية ألواح من الرخام، أما الجزء الأعلى فكان مغطى بطبقة من الفسيفساء أزيلت في العصر العثماني واستبدل بها لوحات من القيشاني. ويتوسط المبنى الصخر المقدسة التي ذكر أن النبي محمد ارتفع من فوقها إلى السماء ليلة الإسراء والمعراج. وتحيط بهذه الصخرة دائرة من الدعائم والأعمدة، ويبلغ عدد الدعائم أربعا، ويقع بين كل دعامتين ثلاثة أعمدة. وتحمل هذه الدعائم واجهة اسطوانية مغطاة من الداخل بالفسيفساء قوام زخارفها فروع نباتية. ويوجد بهذه الأسطوانة ست عشرة نافذة مزخرفة بالقيشاني من الخارج، وزخارف جصية بها زجاج ملون من الداخل. وترتكز على هذه الأسطوانة قبة خشبية مزدوجة الكسوة، من الخارج مغطاة بطبقة من ألواح الرصاص ،(نعمت إسماعيل:21)، وفي داخل القبة كتابة كوفية كتبت بماء الذهب على أرضية زرقاء(أبو صالح الألفي:147ه) ، ويفصل جدار المثمن الخارجي عن الجزء الدائري مثمن أوسط يتكون من دعائم يكسوها الرخام وستة عشر عمودا رخاميا ذات تيجان مختلفة الطراز. ويعلو هذه الدعائم والأعمدة عقود زينت جدرانها بطبقة من الفسيفساء قوام زخارفها عناصر نباتية. ولقد نتج عن تشييد هذا المثمن الداخلي وجود رواقين داخلي وخارجي. ويغطي هذين الرواقين سقف من الخشب مزدوج الكسوة. فمن الخارج ألواح من الرصاص ومن الداخل ألواح خشبية منقوشة. ويوجد بقبة الصخرة محراب أملس غير مجوف ينسب إلى عبدالملك، ومحراب آخر يعرف باسم قبلة الأنبياء.
تصميم هذا المسجد يعتمد على رسم دائرة داخل مثمن، أنه ابتكار جديد ظهر في تصميم المساجد الإسلامية.وربما كان وراء اختيار هذا التصميم، رغبة عبدالملك في تشييد هذا مبنى يحيط بالصخرة المقدسة ليصلح رمزا للمسلمين، يحجون إليه ويطوفون حول الصخرة يتبركون بها بدلا من الذهاب إلى مكة ووقوعهم تحت تأثير ابن الزبير والي مكة الذي خرج عن طاعة الأمويين لمدة تسع سنوات.
ويظهر من دراسة هذا التصميم تأثر العمارة في فجر الإسلام بالأساليب الفنية التي كانت سائدة في بلاد الشام قبل دخول العرب بها. فتصميم المسجد مقتبس من تصميم بعض الكنائس التي كانت موجودة ببلاد الشام وإن اختلفت عنها في التفصيل.(نعمت إسماعيل:22)
المسجد الأموي بدمشق:
يعتبر المسجد الأموي من أعظم المساجد الإسلامية وأقدمها، ومن أهم الآثار التي خلفها الأمويون. شيده الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بين عامي 88-96 ه في بقعة كان فيها معبد وثني، ثم حلت محله كنيسة القديس يوحنا. واستقدم له الفنيين والعمال من أنحاء العالم الإسلامي.
تخطيط للمسجد الأموي بدمشق
يتكون المسجد من صحن كبير مستطيل، تحيط به سقيفة محمولة على أعمدة وأكتاف وفوق كل عقد نافذتان، وإيوان رئيسي مساحته136ْx37 مترا. ويتكون من ثلاثة أروقة موازية لحائط القبلة، ويحمل السقف عقود محمولة على أعمدة رخامية، فوقها أقواس أصغر منها بارتفاع 15 مترا ويقطع هذه الأروقة مجاز عمودي على حائط القبلة يبلغ ارتفاع سقفه 23 مترا، وفي وسط رواق القبلة قبة حجرية أضيفت في عصرمتأخر. والسقف كله على شكل جمالون.
وكان هذا المسجد مفروشا بالمرمر، وكانت جدرانه مغشاة بالرخام إلى ارتفاع مترين تقريبا، وفوق هذه اللوحات الرخامية صور وزخارف من الفسيفساء الملونة والمذهبة، ما يزال بعضها في الرواق الغربي.
يوجد في هذا الجامع 6 أنواع من الشبابيك الرخامية تعتبر المثل الأول للزخارف الهندسية الإسلامية.
ولهذا الجامع ثلاث مآذن اثنتان في طرفي ضلعه الجنوبي، واحدة مربعة الشكل والثانية مثمنة"كالمآذن المصرية"، أما الثالثة ففي منتصف ضلعه الشمالي وهي مربعة الشكل.
ومن أهم الإصلاحات التي أجريت في هذا المسجد ما تم في عصر الخليفة المأمون.
وقد أثر هذا الجامع العظيم- سواء من حيث التخطيط أم التنظيم المعماري، أم الزخارف- في جامع حلب وقصر الحير وفي مساجد شمال أفريقيا والأندلس.(أبو صالح الألفي:147)
ولقد دخلت في عصر الأمويين عناصر معمارية جديدة لم تكن معروفة من قبل في العمارة الدينية الإسلامية، حيث ذكر أن معاوية أمر "مسلمة" واليه على مصر بتشييد صوامع للمناداة على الصلاة في أركان جامع عمرو، ويعد ذلك أول مرة يأتي فيها ذكر المآذن في تاريخ العمارة الإسلامية. ولم تكن المآذن معروفة من قبل العصر الأموي، وربما اقتبست فكرتها من الأبراج التي كانت ملحقة بأماكن العبادة بسوريا، ولقد انتقلت فكرتها إلى مصر في فترة حكم معاوية.
ومن العناصر المعمارية التي أدخلها الأمويون أيضا في عمارة المساجد، المحراب المجوف المقتبس من حنية الكنيسة، والمنبر الذي كان معروفا في الكنائس المسيحية واستخدم في عصر عمرو بن العاص. كما ذكر أن أول مقصورة شيدت بجانب المحراب كانت للخليفة معاوية.(نعمت إسماعيل:24)
القصور والقلاع:
إن الآثار القليلة الباقية من قصور الخلفاء الأمويين وقلاعهم في دمشق، لا تكفي لإعطاء صورة عن مظاهر حياتهم . والواقع أن أكثرهم كانوا يفضلون الحياة في البادية لملاءمتها لطبيعة نشأتهم . وقد أنشأ بعضهم لذلك قصور المعسكرات في الحيرة وقصور اللهو في الأردن، وفي مواضع بالصحراء السورية حيث كانت تنمو نباتات محدودة في فصل الأمطار، وكان الماء يجلب إلى هذه القصور من مسافات شاسعة. (ارنسنت كونل:21) كذلك شيدوا قصورا صغيرة يأوون إليها كاستراحات عندما يخرجون للصيد. (نعمت إسماعيل:24) وبقي منها نموذجان رئيسيان هما: قصر المشتى، و قصر عمرة، كما اكتشفت في السنين الأخيرة بقايا لقصور المفجر قرب البحر الميت، والحير الغربي ، والحير الشرقي، والرصافة والمنية.(ارنسنت كونل:21)
قصر عمرة
ويعد أهم قصور الصيد الأموية(نعمت اسماعيل:30)،وكان الخليفة الوليد يقيم به للصيد والاستجمام،(ارنسنت كونل:22)، ويقع على بعد 50 ميلا شرق عمان،
تخطيط قصير عمرا
ويشتمل على قاعة استقبال مستطيلة الشكل ذات عقدين يقسمانها إلى ثلاثة أروقة، ولكل رواق منها سقف على شكل قبو نصف دائري، ويتصل الرواق الأوسط في الجهة الجنوبية بحنية كبيرة على جانبها غرفتان صغيرتان بدون نوافذ. وإلى جانب قلعة الاستقبال حمام مكون من ثلاث قاعات صغيرة، الأولى ذات سقف من قبو نصف دائري والثانية سقفها من قبوين متقاطعين، والثالثة تعلوها قبة نصف كروية.
والبناء مشيد بالحجر الجيري، والأرض مغشاة بالرخام، أما الأقبية فقد غطيت بطبقة سميكة من الملاط.
وكانت جدران هذا القصر وسقوفة محلاة بالرسوم ذات الموضوعات المختلفة، دب التلف إلى معظمها، وتشتمل هذه الرسوم على موضوعات الصيد والرقص والاستحمام، ورسوم نساء شبه عاريات، ورسوم رمزية تمثل آلهة الشعر والفلسفة عند الرومان، وأخرى لبعض مراحل العمر: الفتوة والرجولة والكهولة، ورسم لقبة السماء وبعض النجوم والأبراج المختلفة. ورجال يزاولون بعض الحرف. وأغلب هذه الرسوم داخل مساحات مربعة أو معينة.
ومن أهم الصور التي تزين جدران هذا القصر صورة تمثل الأمير جالسا على العرش وفوقه مظلة يحملها عمودان حلزونيان، على عقدها كتابة كوفية دعائية، ويحف بالأمير شخصان. أما الصورة الثانية فلعلها أهم ما في القصر لدلالتها التاريخية وهي تسمى "أعداء الإسلام" وفيها ستة أشخاص مرسومين على صفين.(أبو صالح الألفي:149)
قصر المشتى:
ويقع في الصحراء الأردنية، ويبعد حوالي 32 كم جنوبي عمان. ولقد قام جدل كبير بين العلماء حول عروبة هذا القصر ونسبته إلى العصر الأموي أو إلى عصر ما قبل الإسلام. ولكن أثبت بعض العلماء بالبرهان نسبة تشييد هذا القصر إلى الوليد الثاني في الفترة (125-126ه).(نعمت إسماعيل:27)
وتخطيطه مربع، يحيط به سور مزود بأبراج نصف دائرية، ويقع مدخله في الجنوب، والمسطح من الداخل مقسم إلى ثلاثة أقسام من الشمال إلى الجنوب، والقسمان الجانبيان لم يبدأ فيهما البناء، والبناء في القسم الأوسط لم يكتمل، وقد أقيمتن المباني الداخلية من الطوب على أربعة مداميك من الحجر المحوت.
ويلي المدخل قاعة تؤدي إلى بهو، وحول القاعة والبهو غرف، وفي غرب المدخل حجرة ملاصقة للسور بها حنية تدل على أنها كانت مسجدا للقصر. وخلف البهو فناء مربع متسع، وعلى محور الباب العمومي، مدخل ذو ثلاثة عقود يؤدي إلى قاعة كبيرة مستطيلة مقسمة إلى ثلاثة أروقة تنتهي بقاعة العرش المكونة من ثلاث حنيات كبيرة نصف دائرية. وحول هذه القاعة والأروقة مجموعات من "البيوت" تتكون كل مجموعة من فناء مستطيل، وفي كل من جانبي هذا الفناء ساحة وحولها غرفتان مقببتان. ونظام البيوت يشبه النظام الذي كان شائعا في العراق القديم (بابلي) واستعمل في سوريا قبل الإسلام.
ولعل أهم أجزاء القصر هي الواجهة الرئيسية، لما تحفل به من زخارف رائعة في الحجر الجيري،وقد زخرفت سطح الحائط الأوسط بأزهار اللوتس والنجوم الصغيرة. وقد زخرفت باقي المساحة بالفروع ووريقات العنب وعناقيد ورسوم الطيور، وبعض الزخارف يمثل حيوانين متقابلين يفصلهما إناء تخرج منه النباتات.
وقد نقلت هذه الواجهة إلى متحف برلين كهدية من السلطان عبدالحميد سنة1903م، وتعتبر من أنفس التحف الإسلامية في هذا المتحف.
مميزات العمارة في العصر الأموي:
كان المجتمع الإسلامي في صدر الإسلام يتميز بالبساطة والتقشف والبعد عن الترف بكل مظاهره بعدا مبعثه القلب والإيمان بالله إيمانا عظيما، ويظهر ذلك واضحا في المساجد الأولى التي أنشئت في المدينة والكوفة والبصرة والفسطاط.
وبتوالي الزمن أخذ حكام المسلمين يقيمون المنشآت العظيمة معتمدين على أهل البلاد التي يقيمون فيها هذه العمائر، تأكيدا لعظمة الإسلام ودعما لحكمهم(أبو صالح الألفي:160)
ولقد استخدم الأمويين الكثير من الزخارف المعمارية التي كانت معروفة في سوريا قبل الإسلام، فكسيت الجدران والأرضيات بالفسيفساء. كما أن النقوش الحجرية التي زخرفت العمائر الأموية كانت متأثرة بالفن البيزنطي. وظهر عندهم عنصر معماري زخرفي جديد لم يكن معروفا من قبل في سوريا وهو تحلية الجدران بالزخارف الجصية(نعمت إسماعيل:31)
زخارف الفسيفساء:
تتلخص صناعة الفسيفساء في تثبيت مجموعة من مكعبات الزجاج الملون والشفاف وقطع الحجر الأبيض والأسود فوق طبقة الجص أو الإسمنت التي تغطي السطح لتكوين موضوعات زخرفية.
وكانت هذه الصناعة مزدهرة في العصر الاغريقي الروماني . كما استخدمت الفسيفساء الزجاجية في زخرفة الجدران في العصر البيزنطي .. ولقد تدهورت هذه الصناعة في سوريا في أواخر العصر البيزنطي ولكنها ازدهرت ثانية في العصر الأموي.
وتعد زخارف قبة الصخرة أول وأقدم محاولة ظهرت في العصر الاسلامي لهذا النوع من الفن الزخرفي المعماري . وتغطي جدران المسجد عناصر زخرفية نباتية كثيرة كأشجار النخيل والصنوبر والعنب والرمان ووحدات الأهلة والنجوم.
فأغلب التعبيرات الفنية التي وجدت في زخارف قبة الصخرة كانت مقتبسة من الفنون الاغريقية والبيزنطية مع عناصر الفن الهيلنستي والساساني.
- ويتضح تأثر الجامع الأموي بالفن الهيلنستي حيث نلاحظ ان قوام هذه الزخرفة عبارة عن مناظر طبيعية وتوجد أيضا زخارف من وحدات نبات الأكانتاس.
- ويتضح تأثير الفن الساساني في الفن الاموي في العناصر الحيوانية الموجودة في زخارف فسيفساء قصر هشام بالمفجر ، حيث تذكرنا وحدة الاسد المنقض على فريسته بنظائره في الفن الساساني (نعمت اسماعيل 311) .
الزخارف الجصية والنحت على الحجر:
استخدموا الجص البارز المنقوش على نطاق واسع في زخرفة القصور، ولقد ظهرت منه أمثلة كثيرة في قصور "خربة المفجر" وذلك لاحتوائه على عناصر آدمية وحيوانية إلى جانب الزخارف الهندسية والنباتية.
ومن أجمل أمثلة النقش على الحجر واجهة قصر المشتى التي نقلت الواجهة الحجرية منها إلى متحف الدولة في برلين. وتنحصر زخارف هذه الواجهة في إطار أفقي ممتد بطول الواجهة الرئيسية. ولقد قسم سطح الإطار إلى مثلثات عددها أربعون بواسطة شريط متعرج ذي زاويا حادة، عشرون مثلثا قاعدتها من أسفل وعشرون مثلثا في وضع عكسي ويتوسط هذه المثلثات زخارف منحوته على شكل وردة كبيرة يزخرفها نقوش قوامها مراوح نخيلية وأزهار اللوتس.
ويمكن تقسيم زخارف الواجهة إلى مجموعتين: الأولى تشمل زخارف الجهة التي تقع على يسار المدخل وتضم صور حيوانات طبيعية وخرافية وأوان تخرج منها فروع نباتية، كما تظهر طيور بين سيقان نباتات العنب، أما المجموعة الثانية التي توجد على يمين المدخل فلا نجد بها رسوم كائنات حية. كما أن تفريعات سيقان العنب الموجودة بها منقوشة بطريقة مجردة.
وأول من استخدم المراوح النخيلية وأنصافها، هم الساسانيون، ولقد اقتبس المسلمون هذه المراوح بدون تطوير في أول الأمر ولكنهم حوروا فيها تدريجيا فيما بعد مما نتج عنه ظهور وحدة زخرفية مبتكرة إسلامية الطابع.
أما استخدام وحدات الحيوانات المجنحة فهو أسلوب فارسي لم يعرف من قبل في سوريا.
ومن الزخارف الإسلامية المبتكرة التي أدخلها الأمويون زخارف كتابية منقوشة على تاج عمود وجد في بركة قصر الموقر عام 1954م. ويوجد بالنص اسم" عبدالله يزيد" أمير المؤمنين.(نعمت إسماعيل:33)
0 التعليقات:
إرسال تعليق